شبكة CGTN: كيف تُسهم مبادرة "الحزام والطريق" (BRI) التي طرحتها الصين في تمكين صانعي البخور من التوسع عالميًّا؟
بكين, 4 مارس / آذار 2024 /PRNewswire/ -- يُتقن بو ليانغقونغ صناعة البخور، تمامًا مثل أسلافه العرب.
والآن، وقد بلغ "بو" من العمر نحو 70 عامًا، ينتج البخور في مقاطعة يونغتشون بمدينة تشيوانتشو الساحلية في مقاطعة فوجيان بشرق الصين.
وترتبط حرفة صناعة البخور بطريق الحرير البحري القديم، الذي كان شريانًا حيويًّا للتجارة والتبادل الثقافي بين المناطق الساحلية الجنوبية الشرقية للصين والدول الأجنبية.
ينتمي "بو" إلى عائلة من نسل عربي في الجيل العاشر استقرت في تشيوانتشو، المعروفة بأنها نقطة انطلاق لطريق الحرير البحري القديم، عام 1646. ومع ازدهار التجارة البحرية للصين خلال أسرتَي سونغ (960-1279) ويوان (1271-1368)، أصبح ميناء تشيوانتشو أكبر ميناء في شرق الصين.
جلب أسلاف "بو" العربُ معهم موادَّ عطريةً على طول طريق الحرير البحري القديم، واشتغلوا ببيعها واندمجوا تدريجيًّا في حياة تشيوانتشو، وتزوجوا من السكان المحليين وتبنَّوا اللقب الصيني "بو".
عائلة "بو" صنعت البخور باستخدام البامبو والمواد العطرية من موطنهم الأصلي، وهو يختلف عن الرقائق المعطرة التي تسمَّى "البخور" في معظم الدول العربية. يشبه البخور الذي يصنعونه عود البخور الصيني، حيث يتم لف عيدان البامبو بمواد عطرية مطحونة.
بفضل تأثير عائلة بو، صار البخور صناعة مزدهرة في مدينة يونغتشون. يوجد حاليًّا ما يقرب من 300 مصنع لإنتاج البخور هناك، تبيع منتجاتها إلى الأسواق المحلية والأجنبية.
وبفضل زيادة الطلبات الدولية، يتمتع العمال وأسرهم بحياة أكثر راحة، وهو تحسُّن يعود جزئيًّا إلى مبادرة "الحزام والطريق" (BRI).
طرحت الصين هذه المبادرة في عام 2013 بهدف بناء شبكات تجارية وبنية تحتية تربط آسيا بأوروبا وما بعدها على طول طرق التجارة القديمة لطريق الحرير، من أجل التنمية والازدهار المشتركين.
كما تعمل المبادرة كمنصة لتعزيز التبادل الثقافي المتبادل والتفاهم المتبادل، وتوفر فرصة لتعزيز التنوع والشمول.
اقتبس الرئيس الصيني شي جين بينغ ذات مرة مقولةً صينيةً قديمة: "يُحضَّرالحساء اللذيذ عن طريق الجمع بين مكونات متنوعة"، لشرح أهمية التنوع.
مستقبل مشترك للبشرية
"يُحضَّر الحساء اللذيذ عن طريق الجمع بين مكونات متنوعة".
تأتي هذه المقولة من الكتاب الصيني الكلاسيكي "تاريخ الممالك الثلاث"، الذي يعكس تمامًا تقاليد الطهي الصينية المتمثلة في استخدام مجموعة متنوعة من المكونات، مثل الأعشاب، والتوابل، والخضروات، لإعداد حساء لذيذ. تسلط المقولة الضوء على قوة التعاون وأن قيمة التنوع في الحضارة الإنسانية، هي مصدر التقدم البشري.
استشهد "شي" بالمقولة في خطاب رئيسي في مكتب الأمم المتحدة في جنيف في يناير 2017، قائلاً: إن التنوع هو "محرك يدفع تقدم الحضارات الإنسانية".
وأشار "شي" إلى أن "هناك أكثر من 200 دولة ومنطقة، وما يزيد على 2500 مجموعة عرقية والعديد من الديانات في عالمنا، مضيفًا أن الاختلافات في التاريخ والظروف الوطنية والجماعات العرقية والعادات، تُنشئ حضارات مختلفة وتجعل العالم مكانًا متنوعًا.
وأضاف: "يجب أن نجعل التبادلات بين الحضارات مصدر إلهام لتقدم المجتمع البشري ورابطًا يحفظ السلام في العالم".
وأكد "شي" على ضرورة بناء عالم منفتح وشامل من خلال التبادل والتعلم المتبادل، مضيفًا أن التبادل بين الحضارات هو "مصدر إلهام لتقدم المجتمع البشري" و"رابطًا يحفظ السلام في العالم".
إن هذه المقولة الصينية القديمة تتفق تمامًا مع تاريخ صناعة البخور في يونغتشون. قبل قرون، جاءت المكونات العطرية العربية إلى الصين كـ "رسل"، ودُمِجت وتطورت مع المكونات العطرية الصينية، وانتشرت أخيرًا في جميع أنحاء العالم.
وفي الوقت الحاضر، أصبحت الدول العربية، التي كانت شريكًا مهمًّا على طول طرق التجارة القديمة على طريق الحرير، شريكًا بالغ الأهمية مع الصين في مبادرة الحزام والطريق (BRI).
خلال العقد الماضي، أثرت مبادرة الحزام والطريق بشكل إيجابي في السكان المحليين في الدول الشريكة من خلال توفير فرص عمل لهم، بالإضافة إلى تسهيل التجارة الدولية.
وفقًا لوثيقة بيضاء، فقد بلغ إجمالي التجارة بين الصين ودول شريكة مبادرة "الحزام والطريق" من عام 2013 إلى عام 2022 نحو 19.1 تريليون دولار أمريكي، بمعدل نمو سنوي متوسط يبلغ 6.4 في المئة. وبحلول يونيو 2023، كانت الصين قد وقَّعت أكثر من 200 اتفاقية تعاون مع مبادرة الحزام والطريق مع أكثر من 150 دولة و30 منظمة دولية عبر خمس قارات، مما أسفر عن عدد من المشاريع الرائدة والمشاريع الصغيرة ولكنها ذات التأثير.
كما عملت الصين أيضًا على جمع الدول والمنظمات الشريكة في مبادرة "الحزام والطريق" معًا من خلال الأنشطة الثقافية المشتركة، بما في ذلك إنشاء تحالفات دولية للمسارح، والمتاحف، والمهرجانات الفنية، والمكتبات مثل التحالف الدولي لمتاحف طريق الحرير ورابطة "طريق الحرير الدولية للمسارح".
من خلال ربط الثقافات المتنوعة والبلدان المختلفة، تعزز مبادرة "الحزام والطريق" التعاون والانفتاح والشمول على مستوى العالم، مما يقرِّب الصين من تحقيق هدفها المتمثل في بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية لتعزيز التنمية المشتركة.
شارك هذا المقال